عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس ، وأحب الأعمال إلى الله سرورٌ تدخله على مسلم ، أو تكشف عنه كربة ، أو تقضي عنه ديناً ، أو تطرد عنه جوعاً ، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً ، ومن كف غضبه ستر الله عورته ، ومن كظم غيضه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاءً ، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجة حتى تتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزل الأقدام ” أخرجه ابن أبي الدنيا وحسنه الألباني .
هذا حديث عظيم اشتمل على عدة فوائد ، فتعال معي إلى الوقوف معه جملةً جملة لنقف على فوائده !
قال : ” أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس ” ؛ وقد جاء في الحديث الآخر ” والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ” ، فقرَّرَ هنا الأمر مجملاً ، ثم بدأ يُفصِّله بعدة مقاطع ، فذكر أن من ” أحب الأعمال إلى الله سرورٌ تدخله على مسلم ” أي أحب الأعمال هي السعادة التي تدخلها على قلب مسلم ، وهذا يختلف باختلاف الأحوال والأفراد ، فقد يتحقق السرور في قلب مسلم بسؤال أخيه عنه ، وقد يتحقق بزيارة أخيه له ، وقد يتحقق بهدية أخيه له ، وقد يتحقق بابتسامة ، وقد يتحقق بمساعدة ، وقد يتحقق بأي شيء سوى ذلك .. الأصل أن تدخل السرور عليه بأي طريقة استطعت .
ثم ذكر بعد ذلك أمراً آخر يمكن للمرء أن ينفع به الناس وهو : ” كشف الكربة عن الناس ” فقد تجد أخاك به كربة من كرب الدنيا ، إما لمصاب أصابه أو توفي قريب له أو .. إلخ . فالحياة ليست صفواً بلا كدر ، بل هي كدر وهم وحزن ، فندبنا إلى التفريج من هموم إخواننا المسلمين .
ثم عقَّب بعد ذلك بذكر ” الدين وقضائه عن الإخوة ” فإن الدين همٌّ بالليل ذِلٌّ بالنهار .. قال ” أو يقضي عنه ديناً ” أي تقضي عن صاحب الدين دينه ، وذلك فيمن يعجز عن الوفاء بدينه .
ثم ذكر بعد ذلك أمراً آخر يكون فيه نفع للناس وإحسان إليهم وهو : ” أو تطرد عنه جوعاً ” إما بإطعامه ، وإما بإعطائه ما يقوم مقام الإطعام .
ثم بين فضل قضاء حوائج الناس فقال : ” ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً ” فالأعمال المتعدية النفع أفضل من الأعمال القاصرة النفع .
ثم ندب إلى ” كف الغضب وكظم الغيظ ” ، فإنهما عزيزان على النفس شاقان عليها ، لأن الانسان قد يحصل له مواقف تثير غضبه وغيضه ، فبين فضل من لم يعمل بمقتضاهما ، وذلك بستر عورته وملأ قلبه رجاءً .
ثم ثنَّى بأمر ذكره في نصف الحديث ألا وهو : ” ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له أثبت الله قدميه يوم تزل الأقدام ” وهذا يدل على أهمية الأمر ولذلك كرره الرسول صلى الله عليه وسلم .
ثم عقَّب وختم الحديث عن سوء الخلق فقال : ” وإن سوء الخلق يفسد العمل ، كما يفسد الخلّ العسل ” ، يقول انتبه ! لا تحسن للناس ثم تفسده بسوء الخلق .. فإن سوء الخلق يفسد الإحسان للخلق ، لذلك ورد في الحديث محذراً منه وممثلاً بإفساده لهذا الإحسان بإفساد الخل للعسل . ( 1 ) .
( 1 ) المراجع :
اترك تعليقاً