عن عبادة بن الصامت – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ” . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لابن حبان والدار قطني : ” لا تجزئ صلاةٌ لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب ” . وقال الدار قطني : هذا إسناد صحيح ، وصحح الحديث ابن القطان أيضاً .
أجمع الأئمة الأربعة وأتباعهم على وجوب قراءة الفاتحة على الإمام والمنفرد ، وأن الصلاة لا تصح بدونها ، إلا عند أبي حنيفة ورواية عن الإمام أحمد فلا تلزم الفاتحة ، فلو قرأ غيرها من القرآن أجزأ .
ثم حصل الخلاف بينهم في حكم قراءة الفاتحة وراء الإمام ؛ أي في حق المأموم على ثلاثة أقوال ، فمنهم من قال تسقط بالكلية ! وهو قول الحنفية ، واستدلوا بحديث ضعيف : ” من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة ” ، ومنهم من قال تجب في السرية دون الجهرية ! وهو قول مالك ، وقول قديم للشافعي ، وهو قول لأحمد في رواية عنه ، واستدلوا بقوله تعالى : { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا } ، ولكن يُرد عن هذا بأنه عام يخصصه حديث عبادة بن الصامت – رضي الله عنه – بجميع رواياته .
ومنهم من قال تجب على المأموم في السرية والجهرية ، وأنها ركن لا تصح الصلاة إلا بها ، وهذا قول عبادة بن الصامت وابن عباس – رضي الله عنهم – والأوزاعي والليث ، وبه قال الشافعي وعليه أكثر أصحابه ، واختاره الصنعاني ، وقال الشيخ ابن باز : ” هذا أرجح الأقوال وأظهر في الدليل ” .
واستدلوا بحديث الباب وهو حديث عبادة بن الصامت – رضي الله عنه – ، وهذا شامل للإمام والمنفرد والمأموم.
كما استدلوا على عمومها في السرية والجهرية بالرواية التي عند أحمد وأبي داود والترمذي وابن حبان ، عن عبادة ابن الصامت – رضي الله عنه – قال : ” كنا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر ، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فثقلت عليه القراءة ، فلما فرغ قال : ” لعلكم تقرؤون خلف إمامكم ” ، قلنا : نعم ، قال : ” لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب ، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها ” . قال الترمذي حديث حسن ، وقال الدار قطني : إسناد حسن ، وقال الخطابي : إسناد جيد لا طعن فيه
فهذا هو القول الصحيح الذي لا تجوز مخالفته ! وأدلته كما ترى في غاية الصحة والوضوح .. فالنبي صلى الله أمرهم بالفاتحة في صلاة الفجر ، وهي جهرية وهذا من أقوى الأدلة على وجوبها في السرية والجهرية .. ولا مجال لتأويله وبه تجتمع الأدلة ، فلا يُترك منها شيء .
مسألة : متى يقرأ المأموم الفاتحة ؟
يقرأ الفاتحة بعد فراغ إمامه منها ، ولو في حال قراءة إمامه سورة بعدها ، ثم ينصت لأنه مأمور بقراءتها . يقول الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – : ” الأفضل أن تكون قراءة الفاتحة للمأموم بعد قراءة الإمام لها ، لأجل أن ينصت للقراءة المفروضة الركن ” . وعلى هذا ، فإنك تقرأ الفاتحة بعد قراءة الإمام لها ، سواء أدركت الصلاة من أولها أو جئت بعد قراءة الإمام الفاتحة ( 1 ) .
( 1 ) – انظر : منحة العلام في شرح بلوغ المرام ؛ عبد الله الفوزان ( 3 / 52 ) وما بعدها .
اترك تعليقاً