أول وقت صلاة العشاء وآخره .

وقت صلاة العشاء يبدأ من مغيب الشفق الأحمر وهذا معلوم ، وإنما وقع الخلاف بين العلماء في آخر وقته على ثلاثة أقوال ذكرها ابن رشد ، وسبب الخلاف : تعدد الأحاديث ، ثم الترجيح بينها .

فبعضهم  قال آخر وقتها ثلث الليل ، وبعضهم قال نصف الليل ، وبعضهم قال آخر وقتها يمتد إلى طلوع الفجر – وهو الراجح – ، واستدل أصحاب هذا القول الذي رجحناه بحديث أبي قتادة – رضي الله عنه – ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” ليس في النوم تفريط ، إنما التفريط على من أخَّر الصلاة حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى ” . رواه مسلم .

قالوا : هذا يدل على أن وقت كل صلاة يمتد إلى وقت الصلاة الأخرى ، إلا صلاة الفجر فلا يمتد وقتها إلى الظهر بالإجماع ، فيكون آخر صلاة العشاء وقت طلوع الفجر ، ولكنه بعد منتصف الليل وقت ضرورة لا يجوز التأخير إليه إلا عند الضرورة والعذر الشرعي .

يقول الشيخ ابن باز – رحمه الله – : ( فإذا غاب الشفق – وهو الحمرة في جهة المغرب – انتهى وقت المغرب ودخل وقت العشاء إلى نصف الليل ، وما بعد نصف الليل وقت ضرورة لوقت العشاء ، فلا يجوز التأخير لما بعد منتصف الليل ، ولكن ما بين غروب الشفق إلى نصف الليل كله وقت اختياري للعشاء ، فلو صلاها بعد نصف الليل أداها في الوقت لكنه يأثم ، لأنه أخرها إلى وقت الضرورة ) .

وينبني على هذا الخلاف : لو أن امرأة حائضاً طهرت بعد منتصف الليل ، فإنها على القول الراجح تجب عليها صلاة العشاء لأن وقتها يمتد إلى طلوع الفجر ، وتلزمها أيضاً صلاة المغرب .

يقول الشيخ ابن باز – رحمه الله – : ( إذا طهرت المرأة من الحيض أو النفاس في وقت العصر وجب عليها أن تصلي الظهر والعصر جميعاً في أصح قولي العلماء ، لأن وقتهما واحد في حق المعذور كالمريض والمسافر ، وهي معذورة بسبب تأخر طهرها ، وهكذا إذا طهرت وقت العشاء وجب عليها أن تصلي المغرب والعشاء جميعاً كما سبق ، وقد أفتى جماعة من الصحابة رضي الله عنهم بذلك ) .

ومثله ممَّا ينبني على الخلاف ، لو أن أحداً لا يجد الماء إلا بعد خروج وقت الاختيار ، فإنه يؤخر صلاة العشاء إلى أن يجد الماء قبل طلوع الفجر .

( 1 ) – انظر : منحة العلام في شرح بلوغ المرام : عبد الله الفوزان ( 2/173 ) ؛ الإيجاز في بعض ما اختلف فيه الألباني وابن عثيمين وابن باز : سعد البريك ( 1/221-223 ) .