مس الذكر ينقض الوضوء

الأثنين
مايو 2018

عَنْ بُسْرَةَ بِنْتَ صَفْوَانَ – رضي الله عنها –، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ ” . أخرجه الخمسة وصححه ابن حبان وقال البخاري هو أصح شيء في الباب.

اختلف أهل العلم في نقض الوضوء من مس الذكر ؛ فقالت طائفة أن مس الذكر ينقض ، وهو قول الشافعي وقول لمالك في المشهور عنه ، والمشهور في مذهب أحمد ، ودليلهم في ذلك حديث الباب . وهذا دليل قوي وصحيح ، وقد رجح هذا القول الشيخ ابن باز – رحمه الله – .

وأما قول من قال بأن مس الذكر لا ينقض فقد استدل بحديث أيضاً – ولكن ضعفه جهابذة الحديث – وهو حديث طلق بن علي قال : قال رجل : مسست ذكري أو الرجل يمس ذكره في الصلاة أعليه وضوء ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ” لا إنما هو بضعة منك ” . أخرجه الخمسة أيضاً ، وقد ضعفه أئمة الحديث ونقاده منهم الشافعي وأبو حاتم وأبو زرعة والبيهقي والدار قطني وابن الجوزي ، وضعفه أحمد ويحيى بن معين في إحدى الروايتين عنه ، ونقل الحافظ عن البيهقي قوله : ( يكفي في ترجيح حديث بسرة على حديث طلق ، أن حديث طلق لم يخرجه الشيخان ، ولم يحتجا بأحد من رواته ، وحديث بسرة قد احتجا بجميع رواته ، إلا أنهما لم يخرجاه ) .

ومن أهل العلم من قال أن حديث طلق منسوخ بحديث بسرة ، لأن حديثه متقدم ، وحديث بسرة متأخر ، منهم ابن حبان فإنه روى الحديثين في صحيحه ثم قال : ( إن حديث بسرة يعتبر ناسخاً لحديث طلق بن علي . واستشهد على ذلك بأن قدوم طلق بن علي على النبي صلى الله عليه وسلم كان في أول هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لأنه شارك النبي صلى الله عليه وسلم في بناء المسجد ، وأن حديث بسرة بعد ذلك ، فحديثها يعتبر متأخراً عن حديث طلق بن علي ، والمتأخر ينسخ المتقدم . فبيَّن أن العمل وفق حديث بسرة ، وأن ح[1]ديث طلق منسوخ ) . وهذا تعقيب جيد (1) ، وقد قال به أيضاً الطبراني وابن العربي والحازمي والبيهقي وابن حزم .

المهم أن حديث طلق بن علي إما أن يكون ضعيف ، وإما أن يكون منسوخ ، وفي كلا الحالين لا يُحتج به ولا يُعمل به . وإنما العمل على حديث بسرة الدال على وجوب الوضوء من مس الذكر . هذا هو القول الصحيح الذي تؤيده الأحاديث .قال الشيخ ابن باز – رحمه الله – : ( من قال إن مس الذكر لا ينقض الوضوء غلطان ، والحديث في ذلك صحيح ) (2) .

فهذا هو القول الراجح وله شواهد كثيرة تعضده ، رواها سبعة عشر صحابياً ، منها حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه وليس بينهما ستر ولا حجاب فليتوضأ ” . أخرجه أحمد وابن حبان وهو حسن لغيره .

وحديث أم حبيبة – رضي الله عنها – ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” من مس فرجه فليتوضأ ” . أخرجه ابن ماجه والبيهقي .

وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” أيما رجل مس فرجه فليتوضأ ، وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ ” . أخرجه أحمد والدار قطني والبيهقي وصححه أحمد شاكر (1)[2] .

ولا فرق في النقض من مس الذكر بين أن يكون المس بشهوة أو بغير شهوة ، ومن فرق فعليه الدليل !

 

تنبيه ! سئل الشيخ ابن باز – رحمه الله – : من مست عورة الطفل أتتوضأ ؟

فقال : نعم .

 

 

 

[1](1) – مناهج المحدثين : سعد الحميد ( ص: 172 )

(2) –الفوائد الجلية من دروس ابن باز العلمية : علي بن مفرح الزهراني ( ص: 43 )

[2](1) –انظر للإستزاده : منحة العلام في شرح بلوغ المرام : عبد الله الفوزان ( 1/203-315 ) .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.