قال أبو جعفر التّستري : ” حضرنا أبا زرعة – يعني الرازي – بماشهران ، وكان في السّوق – يعني عند الموت – وعنده أبو حاتم ، ومحمد بن مسلم ، والمنذر بن شاذان ، وجماعة من العلماء ، فذكروا حديث التّلقين وقوله صلى الله عليه وسلم : ” لقِّنوا موتاكم لا إله إلا الله ” قال :فاستحيوا من أبي زرعة ، وهابوه أن يلقّنوه فقالوا : تعالوا نذكر الحديث .
فقال محمد بن مسلم : حدثنا الضحاك بن مخلد عن عبد الحميد بن جعفر عن صالح وجعل يقول ولم يُجاوز .
وقال أبو حاتم : حدثنا بُندار قال : حدثنا أبو عاصم عن عبد الحميد بن جعفر عن صالح ولم يُجاوز .
والباقون سكتوا .
فقال أبو زرعة – وهو في السّوق – حدثنا بندار قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن صالح بن أبي عريب ، عن كثير بن مُرّة الحضرمي عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ” ثم مات رحمه الله .
قال أبو حاتم : ” فصار البيت ضجّةً ببكاء مَنْ حَضر ” .
وقد بوّبَ ابن أبي حاتم على هذه القصة بقوله : ” باب ما ظهر لأبي زرعة من سيّد عمله عند وفاته ” .
وقال أيضاً : ” حضرتُ أبي – رحمه الله – وكان في النّزع وأنا لا أعلم فسألته عن عقبة بن عبد الغافر يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم : له صحبة ؟ فقال – برأسه – لا ؛ بلسانٍ مسكين ؛ فلم أقنع منه ، فقلت : فهمت عنّي : له صحبة ؟ قال : هو تابعي .
قلت : فكان سيّد عمله معرفة الحديث ، وناقلة الآثار ، فكان في عمره يُقتبس منه ذلك ، فأراد الله أن يظهر عند وفاته ما كان عليه في حياته ” .
اترك تعليقاً