الخميس
ديسمبر 2019
عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” المؤمن يَألَفُ ويُؤلَفُ ، ولا خيرَ فيمن
لا يَألَفُ ولا يُؤلَفُ ، وخير الناس أنفعهم للناس ” . رواه الطبراني في
الأوسط وصححه الألباني .
فالمؤمن يألف ويؤلف لحسن خلقه ، ولقربه من الله عز
وجل ، وأما من لم يكن بهذه الصفة فلا خير فيه ، وما أبعده عن الألفة ! قال المناوي
في شرح : ” المؤمن يألف ” قال : ( لحسن أخلاقه وسهولة طباعه ولين جانبه
. فالمؤمن يألف الخير وأهله ويألفونه بمناسبة الإيمان . ” ولا خير فيمن لا
يألف ولا يؤلف ” لضعف إيمانه ، وعُسر أخلاقه ، وسوء طباعه ) .
فجدير بالمؤمن مراجعة نفسه ، وحملها على كل ما من
شأنه أن يسبب الألفة . فإنه في نظر الشرع وفي نظر الجميع خير الناس الذين يألفون
ويؤلفون ، وهم المؤمنون الصادقون ، يأنس بهم من يجالسهم ، ولا يشعر معهم بوحشة ولا
ضيق ، بل يرى فيهم انشراح الصدر ، وبشاشة
المحيا ، والتودد والمحبة ، حتى لا يمل مجالستهم ولا يطول بهم الوقت معهم .
وما أمسّ حاجة الإنسان إلى الألفة ! فبها يتعايش مع
كل من حوله ، من أهل وجيران وأصدقاء وزملاء ، بل هي الطريق إلى انسجام هذه الأرواح
، وأمر الانسجام أمر ليس بالهين .
فما عليك إلا صدق الإيمان ، والقرب من الرحمن ، مع
لين الجانب وطيب الكلام ، تجد هذه الألفة ، فإن للألفة أسباب تقويها ، وصفات
تنميها . فمثل هذا هو الذي يستطيع أن يتألف مع الناس . وإن صاحب الألفة بما يناله
من رضا الله وحب ملائكته يوضع له القبول في الأرض .
ثم إن عدم الألفة بسبب ضعف الإيمان ، بل ومن صفات
المنافقين ، كما جاء في الحديث : ” إن للمنافقين علامات يُعرفون بها ..
مستكبرين لا يألفون ولا يؤلفون ” .
قال المناوي – رحمه الله – في شرح بقية الحديث : (
” وخير الناس أنفعهم للناس ” قال : بالإحسان إليهم بماله وجاهه فإنهم
عباد الله ، وأحبهم إليه أنفعهم للناس أي : أكثرهم نفعاً للناس بنعمة يسديها ، أو
نقمة يدفعها عنهم ديناً أو دنيا ، ومنافع الدين أشرف قدراً وأبقى نفعاً ) . قال
ابن القيم – رحمه الله – : ( وقد دل العقل والنقل والفطرة وتجارب الأمم على اختلاف
أجناسها ومللها ونحلها على أن التقرب إلى رب العالمين ، والبر والإحسان إلى خلقه ،
من أعظم الأسباب الجالبة لكل خير ، وأن أضدادها من أكبر الأسباب الجالبة لكل شر ،
فما استُجْلِبَتْ نعم الله ، ولا استُدْفِعَتْ نقمه ، بمثل طاعته والإحسان إلى
خلقه ) .
مع ما في نفع الناس والإحسان إليهم من جلب محبتهم !
يقول الشاعر :
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم .. فطالما استعبد
الإنسان إحسان .
مع ما فيه أيضاً من إدخال السرور عليهم ! وقد قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم
” .
اترك تعليقاً