عن أبي حمزة أنس بن مالك – رضي الله تعالى عنه – خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ” . رواه البخاري ومسلم .
هذا الحديث من الأحاديث العظيمة ، حيث ينصّ على أدب من أجمل الآداب في المعاملة مع الآخرين ، وسنشرحه جملة جملة لنرى ما فيه من الفوائد .
قوله : ” لا يؤمن أحدكم ” : أي الإيمان الكامل ، فالنفي هنا للكمال والتمام ، وليس نفياً لأصل الإيمان ، فأصل الإيمان يحصل لمن لم يكن بهذه الصفة . قال عمرو بن الصلاح – رحمه الله – : ( معناه لا يكمل إيمان أحد حتى يحب لأخيه في الإسلام مثل ما يحب لنفسه ) .
قوله : ” حتى يحب لأخيه ” : أي المؤمن ” ما يحب لنفسه ” : من خير ، ودفع شر ، وغير ذلك من الأمور الدينية والدنيوية . وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” من أحب أنْ يُزحزَح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ، وليأتِ إلى الناس ما يحب أنْ يُؤتى إليه ” الشاهد هنا قوله : ” وليأتِ إلى الناس ما يحب أنْ يُؤتى إليه ” فبيَّن أنه أيضاً من أسباب دخول الجنة والنجاة من النار .
قال الكرماني : ( ومن الإيمان أيضاً أنْ يبغض لأخيه ما يبغض لنفسه ، ولم يذكره لأنَّ حب الشيء مستلزم لبغض نقيضه ، فترك التنصيص عليه اكتفاء والله أعلم ) .
أثر الحديث في سلف الأمة :
قال ابن عباس – رضي الله عنهما – ترجمان القرآن : إني لأمرّ على الآية من كتاب الله فأودّ أنَّ الناس كلهم يعلمون منها ما أعلم .
وقال الشافعي : وددت أنَّ الناس تعلموا هذا العلم ، ولم ينسب إليَّ منه شيء . فقوله : وددت ؛ دليل على محبته الخير للناس .
وكان محمد بن واسع يبيع حماراً له ، فقال له رجل : أترضاه لي ؟ قال : لو رضيته لم أبعه . وفي هذا إشارة أنه لا يرضى لأخيه إلَّا ما يرتضيه لنفسه .
فحب المسلم لإخوانه ما يحب لنفسه ، دلالة على سلامة صدره من الغش والغلّ والحسد . ولا يحب لأخيه ما يحب لنفسه إلَّا من فيه خير وإيمان !
كما يدل الحديث على ذم الأنانية ، والحسد والكراهية والحقد ، لأنَّ من كانت هذه صفاته ، لا يحب لغيره ما يحب لنفسه من الخير .
أضف إلى ذلك أنَّ الشخص الذي يتَّصف بحب الخير للغير يكون محبوباً لدى الجميع ويحظى بمكانة عالية عند الناس ، لسلامة صدره ، وطيبةِ قلبه . ( 1 ) .
( 1 ) – انظر : شرح الأربعين النووية ؛ ابن عثيمين ( ص : 183 ) ؛ وقواعد وفوائد من الأربعين النووية ؛ ناظم سلطان ( 127 – 128 ) .
اترك تعليقاً