ما يصل للميت بعد موته

عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقةٍ جارية ، أو علمٍ يُنتفع به ، أو ولدٍ صالح يدعو له ” . رواه مسلم .

أجمع العلماء على أنَّ الدعاء يصل الميت في قبره ، وأنه ينتفع بالصدقة كذلك ، لهذا الحديث وأحاديث أُخر ، منها ما ورد في الصحيحين أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ؛ إنَّ أمي افتلتت نفسها – يعني ماتت فجأة – ولم توصِ ، وأظنها لو تكلمت تصدقت ، أفلها أجر إنْ تصدقت عنها ؟ قال : ” نعم ” . ومنها ما رواه أحمد والنسائي عن سعد بن عبادة – رضي الله عنه – أنَّ أمه ماتت ، فقال : يا رسول الله ؛ إنَّ أمي ماتت أفأتصدق عنها ؟ قال : ” نعم ” قلت : فأي الصدقة أفضل ؟ قال : ” سقي الماء ” . قال الحسن : فتلك سقاية آل سعد بالمدينة .

فالدعاء والصدقة مجمع عليهما ، واختلفوا فيما سوى ذلك من الأعمال ، ولكن وردت أحاديث تدل على أنَّ العتق والحج والعمرة تصله أيضاً ، روى أحمد وأبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمرو بن العاص : ” لو كان أبوك مسلماً ، فأعتقتم عنه ، أو تصدقتم عنه ، أو حججتم عنه ، بَلَغَه ذلك ” . حسنه الألباني ، وقال ابن قدامة : ( وهذا عامّ في حج التطوع وغيره ، ولأنه عمل بر وطاعة ، فوصل نفعه وثوابه )  .

وأما قراءة القرآن ، فرأي الجمهور أنها أيضاً تصله ، وهو قول أحمد وأبو حنيفة وجماعة من أصحاب الشافعي . واستحبوا أنْ يقول القارئ بعد قراءته : اللهم وصِّل ثواب ما قرأته إلى فلان .

وقد أخبرني أحد زملائي – مِمَّن أحسبه والله حسيبه من أهل الخير والصلاح ولا أزكي على الله أحدا – بقصةٍ حصلت له شخصياً ، يقول : كنا أنا وأهلي كلهم كل سنة كل واحد منا يختم في رمضان ختمتان ، ختمه له وختمه لأبينا ، يقول : فرأيت رؤيا وتكررت عليّ عدَّة مرات ، فسألت عنها مفسر الأحلام ، فقال : وصل ثواب قراءتكم لأبيك .

والقائلون بوصول ثواب القراءة إلى الميت ، يشترطون أن لا يأخذ القارئ على قراءته أجراً ، فإن أخذ القارئ أجراً على قراءته حرم على المعطي والآخذ ولا ثواب له على قراءته .

وأما باقي الأعمال فالذي يظهر أنه لا يُشرع إهداء ثوابها للميت ولا تصل إليه ، فلا يُصلى عنه ، ولا يُصام عنه إلا صوم واجب بنذر أو كفارة أو من رمضان فرَّط في صيامه حتى مات .