عن أبي ذر جندب بن جنادة وأبي عبد الرحمن معاذ بن جبل – رضي الله عنهما – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” اتق الله حيثما كنت ، واتبِع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخُلقٍ حسن ” . رواه الترمذي وصححه الالباني .
ما أعظمه من حديث ! فلنقف معه جملةً جملةً لنرى ما فيه من الفوائد ..
قال : ” اتق الله حيثما كنت ” : يعني في السِّر والعلن ، حيث يراك الناس وحيث لا يرونك .
والتقوى أن يجعل العبد بينه وبين عذاب الله وقاية ، وذلك بفعل أوامره واجتناب نواهيه . وهي وصية الله للأولين والآخرين ، قال تعالى : { ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإيَّاكم أن اتقوا الله } .
وللتقوى فضائل وثمرات كثيرة في الدنيا والآخرة ، ومنها :
فلا ينبغي لأحد أن يبحث عن الحل والحل موجود !! لا ينبغي لأحد أن يتفكر إلا في تقوى الله تعالى وطاعته وامتثال أمره فإن ذلك سبب لفتح كل منغلق ..
بل أنها أيضاً سبب لسعة الرزق ؛ فإن تكملة الآية : { ويرزقه من حيث لا يحتسب } .
قال في الحديث : ” واتبع السيئة الحسنة تمحها ” ؛ يعني تكفّرها .. فالأعمال الصالحة تكفر السيئات ، ويشهد لذلك قوله تعالى : { وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يُذْهبن السيئات } . وسبب نزول هذه الآية كما يروي ابن مسعود أنَّ رجلاً أصاب من امرأة قبلة ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فأنزل الله .. ثم ذكر الآية السابقة ، فقال الرجل يا رسول الله : ألي هذا ؟ قال : ” لجميع أمتي كلهم ” .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر : ” إذا عملت سيئة فاعمل بعدها حسنة تمحها ” ، يقول : فقلت : يا رسول الله : أمن الحسنات لا إله إلا الله ؟ قال : ” هي أفضل الحسنات ” .
ولكن للمعلومية فإن الحسنة تمحو الصغائر فقط ، أما الكبائر فتحتاج إلى توبة .
نرجع للحديث ..
قال : ” وخالق الناس بخلق حسن ” ؛ أي عايشهم وعاشرهم بأخلاق حسنة .. وحسن الخلق من أسباب محبة الناس ، ومن أسباب السعادة ، ومن أسباب كسب قلوب الناس . وقد ورد في فضلة أحاديث كثيرة .
وفضائل حسن الخلق كثيرة ، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” يا أم حبيبة ! ذهب حسن الخلق بخيريّ الدنيا والآخرة ” .
وأما بالنسبة لتعريف حسن الخلق ، فقد تعدَّدت أقوال السلف فيه :
قال الحسن : حسن الخلق ؛ الكرم والبذل والاحتمال .
وقال الامام أحمد : حسن الخلق أن لا تغضب ولا تحقد .
وقال ابن المبارك : هو طلاقة الوجه وكفّ الأذى وبذل النَّدى – يعني المعروف – . وهذا من أجملها وأجمعها ، وإن كانت كلها صحيحة ، لأن حسن الخلق شامل لكل صفة يحبها الله ورسوله ويحبها الناس ، والبعد عن كل صفة ذميمة ..
قال يوسف بن أسباط : ( من علامات حسن الخلق عشر خصال :
قلة الخلاف ، وحسن الإنصات ، وترك طلب العثرات ، وتحسين ما يبدو من السيئات ، والتماس المعذرة ، واحتمال الأذى ، وطلاقة الوجه للصغير والكبير ، ولطف الكلام لمن دونه ولمن فوقه ) .
وقال علي – رضي الله عنه – : ( مكارم الأخلاق عشرة : السخاء ، الحياء ، الصدق ، أداء الأمانة ، التواضع ، الغيرة ، الشجاعة ، الحلم ، الصبر ، الشكر ) .
اترك تعليقاً