عن أنس وأبي ذر وعائشة – رضي الله عنهم أجمعين – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من الخلاء قال : ” الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني ” .
اختلف العلماء في ثبوت هذا الحديث ومن ثمَّ العمل به بناءً على ذلك .. ولكن الراجح ثبوته وقد حسنه النووي ، وما تركته منذ أن سمعته ، يقول الشيخ زيد البحري : ( بعض العلماء يرى ثبوته ) . وقد روي مرفوعاً وموقوفاً وصحح الموقوف الألباني . والحق أنه حسناً مرفوعاً صحيحاً موقوفاً ، ويشهد للمرفوع الموقوف ، فإن أبا ذر – رضي الله عنه – راوي الموقوف صحابي جليل إما أن يكون سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ، وإما يكون علَّمه إياه ..
وقد رأيت مرة رؤيا لها علاقة بهذا الحديث .. رأيت أحد أصحابي في المنام وقال لي هذا حديث ضعيف . فقلت له : بل هو حديث حسن حسنه الشيخ فلان في تحقيقه لكتاب العدة شرح العمدة . سألت عنها مفسر الأحلام فقال : هو انعكاس عمَّا تحمله من العلم .
وبالجملة فهو حديث يعمل به ، وبخاصة أن عمل الصحابي حجة عند الأئمة الأربعة ..
والآن بعد أن عرفنا صحته ، لنقف مع معناه ومناسبته ..
” الأذى ” : البول والغائط . ومن الحديث نستفيد أنه يستحب لكل خارج من الخلاء أن يقول : ” غفرانك ” – ” الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني ” ، فالأول صحيح ، والثاني حسن .
يقول الشيخ عبد الله الفوزان : ( ومناسبة هذا الدعاء أن الإنسان لمَّا خفَّ جسمه بعد قضاء الحاجة ، وارتاح من الأذى ، تذكَّر ثقل الذنوب وعواقبها فدعا ربه أن يخفّف عنه أذية الإثم ، كما منَّ عليه بتخفيف أذية الجسم ، فالنجو يُثقل البدن ويؤذيه ، والذنوب تثقل القلب وتؤذيه ، وهذا معنى مناسب من باب تذكّر الشيء بالشيء ، وقد أشار إلى هذا المعنى ابن القيم ) ( 1 ) .
فمناسبة حمد الله عند خروجهما أن تيسير خروج البول والغائط نعمة عظيمة لا يعرف قدرها إلا من فقدهما ، فإن احتباسهما يضر الإنسان ويتعبه وربما أدى به إلى الهلاك .. يقول لي أحد المعاقين : والله ما أودّ أن أمشي فقد تعوَّدت ، أودّ فقط أني أتحكم .. وأعرف آخر إذا أراد أن يفرِّغ المثانة يتعب تعباً شديداً ويتصبَّبُ عرقاً وتصيبه دوخة ، ولا يخرج منه البول إلا بعسر .
فخروج البول والغائط وتيسيرهما نعمة عظيمة تحتاج إلى حمد الله وشكره . وكان علي – رضي الله عنه – إذا خرج من الخلاء ، مسح على بطنه وقال : يالها من نعمة لو يعلم الناس شكرها .
( 1 ) – منحة العلام في شرح بلوغ المرام : ( 1/398 ) .
اترك تعليقاً