عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال : خرج رجلان في سفرٍ ، فحضرت الصلاة وليس معهما ماء فتيمما صعيداً طيباً ، فصلَّيا ، ثم وجدا الماء في الوقت ، فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء ، ولم يُعِدِ الآخر ، ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له ، فقال للذي لم يُعِدْ : ” أصبت السنة ، وأجزأتك صلاتك ” ، وقال للآخر : ” لك الأجر مرتين ” . رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني .
الحديث دليل على أن من تيمم وصلى ثم وجد الماء في أثناء الوقت فإنه لا إعادة عليه ، بل لا ينبغي له أن يعيد ، لأن السنة عدم الإعادة ، لقوله لمن اكتفى بصلاته الأولى : ” أصبت السنة ” . ويؤيده أنَّ ابن عمر – رضي الله عنهما – تيمم وصلى العصر وبينه وبين المدينة ميل أو ميلين ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة ولم يُعد .
واعلم أنَّ من تيمم لفقد الماء ثم وجده فلا يخلو من ثلاث حالات :
الأولى : أن يجده بعد الصلاة وبعد خروج الوقت ، فهذا لا إعادة عليه إجماعاً ، حكاه ابن المنذر ، ونقله عنه الموفق ابن قدامة .
الثانية : أن يجد الماء بعد الصلاة وقبل خروج الوقت ، فهذا لا إعادة عليه ، بل ولا تشرع له الإعادة على الراجح من أقوال أهل العلم لحديث الباب ، وهو مذهب الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة ، ورجحه ابن المنذر ، ويؤيد ذلك أنَّ هذا قد أدَّى فرضه كما اُمر ، فمن ادعى نقض ذلك وإيجاب الإعادة فعليه الدليل .
الثالثة : أنْ يجد الماء وهو يصلي ، كأن يبعث أحداً في طلب الماء فيأتي وهو في الصلاة ، فهذه الحالة فيها قولان الراجح منهما أنه يبطل التيمم وتبطل الصلاة ، وعليه أن يتوضأ ويستأنف الصلاة ، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة ، وهو مذهب الحنفية ، واختاره ابن حزم ، وحكاه ابن المنذر عن الثوري ، وهو قول الشيخ عبد العزيز ابن باز ، ودليل ذلك :
1 – عموم قوله تعالى : { فلم تجدوا ماء فتيمموا } ، وهذا قد وجد الماء في أثناء الصلاة فبطل حكم التيمم ، لأنه يعود إلى حدثه .
2 – عموم حديث أبي هريرة المتقدم : ” فإذا وجد الماء فليتَّقِ الله وليمسه بشرته ” ، وهذا قد وجد الماء قبل نهاية الصلاة فعليه أن يمسه بشرته ، وهذا يقتضي بطلان التيمم . (1) .
اترك تعليقاً