النفخ في روح الجنين

الأثنين
مايو 2018

من المُلاحظ أنَّ للجنين في رحم الأم فترة زمنية مُحدَّدة ، وبعد هذه الفترة تبدأ الأم بالشعور بحركته ، ولا شك أنَّ للنطفة مع البيضة حياة مستقرة في جدار الرحم إلَّا أنها تبدأ بالحركة الذاتية بعد فترة معينة ، وعن حذيفة بن أسيد الغفاري – رضي الله عنه – قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

” إذا مرَّ بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله ملكاً ، فصوَّرها ، وخلق سمعها وبصرها ، وجلدها ، ولحمها ، وعظامها ، ثم قال : يا رب ، أذكر أم أنثى ؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك ، ثم يقول : يا رب أجله ؟ فيقول ربك ما شاء ويكتب الملك ، ثم يقول : يا رب ، رزقه ؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك ، ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده فلا يزيد على ما أُمر ولا ينقص ” .

ولا أظن أحداً ممن عنده علم بأحوال الجنين إلَّا ويسجد لله اعترافاً وإقراراً بأن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول من عند الله تعالى حين يقرأ هذا الحديث الذي يُحدِّد ثنتين وأربعين ليلة ليبدأ بعدها تصوير الجنين وخلق سمعه وبصره وعظامه ، لأنه قد عُرِف من علم الأجنة اليوم بواسطة التصوير التلفزيوني والمراقبة الدقيقة أنَّ أجهزة الجنين تبدأ في الظهور بعد الأسبوع السادس أي ( 42 ) يوماً . إنه العلم الذي يؤتيه الرب سبحانه وتعالى لرسله وأنبيائه ، فليذعن الذين أوتوا العلم عن طريق التجارب والمشاهدة ، لمن أوتي العلم عن الوحي الرباني ، والتعليم الرباني وسبقهم ببيان  الحقائق بأزمان وأزمان .

وصدق الله تعالى : { وعلَّمك ما لم تكن تعلم } .

هذا وأما النفخ في الروح فإنما يكون بعد مائة وعشرين يوماً ، أي بعد أربعة أشهر من الحمل ، وهي المُدَّة التي يظهر بعدها حركة الجنين في بطن أمه تشعر بذلك الأم ، وغيرها .

فعن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – قال :

حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق قال :

” إنَّ أحدكم يُجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يبعث الله ملكاً يؤمر بأربع كلمات ، ويقال له : اكتب عمله وأجله ورزقه وشقي أو سعيد ، ثم ينفخ فيه الروح ” .. الحديث .

وظاهر من الحديثين أنهما مختلفان موضوعاً وليسا متحدين ، فالأول إنما جاء لبيان بدء التصوير في الجنين وهو بعد ثنتين وأربعين ليلة أو يوماً ، ولذلك لم يرد فيه ذكر الروح ، وأما الحديث الثاني فإنما جاء لبيان متى ينفخ فيه الروح وأنَّ ذلك إنما يكون بعد الأربعين الثالثة ، ولذلك اختلفت ألفاظ الحديث ففي حديث حذيفة أنه يبدأ بعد الأسبوع السادس بتصوير الجنين ويبدأ خلق السمع والبصر والجلد … أي بدايات ذلك ، وأما حديث عبد الله بن مسعود فإنما جاء فيه بيان العمل والأجل والرزق والسعادة أو الشقاء وجاء فيه نفخ الروح .

وجاء في نشرة ( إنه الحق ) :

والجنين خلال الأربعين يوماً الأولى تُجمع أجهزته أي تكون جميع أجهزته قد ظهرت ، وإن كان ظهورها يحدث تِباعاً ( ص : 50 ) .

ويقول البروفسور جولي سمسون : من هذين الحديثين يمكننا استخلاص جدول محدد حول التطور الرئيسي للجنين قبل أربعين يوماً ( ص : 51 / من إنه الحق ) .

وقد عرض البروفسور ( فان برسود ) لصور الجنين وهو في رحم أمه على اختلاف الزمن الذي مرَّ به ، فبيَّن أن صورة الجنين وهو ابن خمس وثلاثين يوماً لا تكاد تظهر أي ميزة لصورة الإنسان ، وأما صورة الإنسان وهو ابن ثنتين وأربعين يوماً فإننا أيضاً لا نجدها تبين الشكل الإنساني الذي يكون عليه الإنسان بعد ذلك ، وأما الصورة الثالثة فهي الجنين في اسبوع واحد بعد ( 42 ) يوماً فإننا نرى أنَّ الصورة تتغير كثيراً وتظهر فيها الصورة الإنسانية ( انظر ص : 62 – 63 من نشرة إنه الحق ، ويمكن أن ينظر القارئ إلى الصور التي عرضها منشورة في ص : 63 ) . فتكون هذه الصور مصدقة لما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنَّ الحواس وآلاتها تبدأ في الظهور بعد اثنتين وأربعين يوماً في الحمل (1) .

[1]

[1] (1) – الإعجاز العلمي في السنة النبوية  ؛ د / صالح بن أحمد رضا ( 1 / 58 – 60 ) .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.