الإختتان

الأثنين
مايو 2018

عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

” الفطرة خمس : الختان ، والاستحداد ، ونتف الإبط ، وتقليم الأظافر ، وقص الشارب ” .

والختان – بكسر المعجمة وتخفيف المثناة – ، مصدر ختن أي قطع ، والختن – بفتح ثم سكون – ، قطع بعض مخصوص من عضو مخصوص .

وقال الماوردي : ختان الذكر : قطع الجلدة التي تغطي الحشفة ، والمستحب تستوعب من أصلها عند أول الحشفة وأقل ما يجزئ أن لا يبقى منها ما يتغشى به شيء من الحشفة . ( انظر فتح الباري 10/352 ) .

وعن شداد بن أوس – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

” الختان سنة للرجال ، مكرمة للنساء ” .

والختان سنة للمسلمين ، وعلامة فارقة فيهم ، وشعار لهم ، وفوائده الطبية كثيرة يعرفها أهل الطب ويكتشفونها يوماً بعد آخر ، وقد عمم في كثير من مستشفيات البلاد الأجنبية لما عرفوا من فوائده ! وقد قال سعيد بن المسيب – رحمه الله تعالى – : ” إبراهيم عليه السلام أول من اختتن ، وأول من ضاف الضيف ، وأول من قلَّم أظافره ، وأول من قص الشارب ، وأول من شاب ، فلمَّا رأى الشيب قال : ما هذا ؟ فقيل له : وقار ، فقال : يا رب زدني وقاراً ” .

فأفادنا هذا النص أن إبراهيم عليه السلام هو الذي ابتدأ سنن الفطرة وتبعه المسلمون بعد ذلك ، وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” اختتن إبراهيم – عليه السلام – وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم ” .

فبيَّن أن هذا الحكم إنما كان بعد بلوغه هذه السن ، ولم يكن شرع له قبل ذلك .

وعن علي بن رباح – رحمه الله – قال :

” إن إبراهيم – عليه السلام – أُمر أن يختتن وهو حينئذ ابن ثمانين سنة ، فعجل واختتن بالقدوم ، فاشتدَّ عليه الوجع ، فدعا ربه فأوحى الله إليه : إنك عملت قبل أن نأمرك بآلته ، قال : يا رب كرهت أن أُؤخر أمرك ” .

وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – في قوله تعالى : { وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن } [ البقرة : 124 ] .

قال : ” ابتلاه بالطهارة : خمساً في الرأس وخمساً في الجسد ، أما الخمس التي في الرأس فهي : قص الشارب ، والمضمضة ، والاستنشاق ، والسواك ، وفرق الرأس .

وأما الخمس التي في الجسد فهي : حلق العانة ، ونتف الإبط ، وتقليم الأظافر ، وغسل أثر الغائط والبول بالماء ” .

وأما في الطب الحديث :

فقد نشرت المجلة الطبية البريطانية مقالاً في عام 1987 جاء فيه :

” إن سرطان القضيب نادر جداً عند اليهود وفي البلدان الإسلامية ، حيث يُجرى الختان أثناء فترة الطفولة ، وأثبتت الإحصائيات الطبية أن سرطان القضيب عند اليهود لم يُشاهد إلا في تسعة مرضى فقط في العالم كله ” .

وفي المجلة الأمريكية لأمراض الأطفال مقال جاء فيه : ” إن الرجل غير المختون يعتبر معرَّضاً لسرطان القضيب ، في حين يمكن منع حدوث هذا السرطان إذا ما اتبع مبدأ الختان عند الوليدين ” .

قال الدكتور حسان شمسي باشا : أجل سرطان القضيب وهو من أشنع السرطانات يمكن أن يختفي من الوجود بمجرد أن يعود الإنسان إلى فطرته ، ويسلِّم الفرد لحكم رب العالمين .

قال : وقد أثبتت دراسات أخرى أن سرطان القضيب يُعزى إلى عدم إجراء الختان ، وقلة الاعتناء بنظافة القضيب ، وبقاء مفرزات بين الحشفة والقلفة .

وأكدت المجلة الأمريكية لأمراض الأطفال : أن العوامل الدينية عند المسلمين واليهود التي تقرر اتباع الختان تلعب عاملاً أساسياً في حثّ هؤلاء على الأخذ بهذه الفطرة .

( انظر كتاب : أسرار الختان في الطب الحديث ، وكتاب : قبسات من الطب النبوي والأدلة العلمية الحديثة /212-213 للدكتور حسان شمسي باشا ) .

يقول الدكتور فارس علوان : إن فوائد الختان جلية للعيان ، ومنافعه واضحة البيان ، فلا يُماري فيها إلا متعصب ذميم ، أو جاهل لئيم .

لقد بدأت عيون الغرب في العقدين الأخيرين تتفتح على هذه السنة المباركة وبدأ بعضهم يُجري الختان لنفسه طواعية بعد كبر سنة .

يقول : إن بقاء القلفة محيطة بالحشفة يكون بمثابة المستنقع الذي تنمو فيه أكثر العوامل المرضية ، ويسقيها البول بنجاسته فتتكاثر وتنتعش .

وتتكون على جدار هذا الجيب مادة بيضاء مترسبة هي نتيجة بقايا الجراثيم والفطور وإفرازات الغدد الدهنية ، والعرقية مع توسفات النسيج المخاطي ، وترسبات من البول ومحتوياته .

ومن هنا يسهل علينا أن نتصور كيف تدخل العوامل المرضية من صماخ البول عند من لم يختتن وتدخل هذه إلى الإحليل ومنه إلى المثانة ثم إلى الكلية ، أو أنها تتابع طريقها إلى الموثة – البروستات – أو إلى الخصية والبربخ ، وقد تسبب العقم عند الرجال نتيجة التهاب الخصية والبربخ ، وقد ثبت أن الختان يمنع سرطان رأس القضيب إذ لا وجود لهذا السرطان عند المختونين وكلما كان الختان في سن أبكر تكون الوقاية أضمن .

ثم بيَّن أن هذه الالتهابات قد تنتقل إلى المرأة فتسبب عندها التهابات الفرج والتهابات غدة بارتولان ، والتهاب المهبل ، أو يلتهب عنق الرحم ويتقرح وقد يكمل الالتهاب سيره المشؤم فيصيب الرحم والملحقات كالبوتين مما يسبب العقم عند المرأة . قال : ولا أقول إن الختان يمنع أو يخفف كثيراً من هذه الالتهابات التي ذكرت فحسب ، وإنما هناك أمراض لا يفيد فيها إلا الختان ، مثل : تضيق القلفة الخلقي ، أو الالتهاب الأمامي والخلفي ، التصاق القلفة بالحشفة ، وبعض أنواع حصر البول المتكرر بسبب القلفة . ( انظر كتاب : وفي الصلاة صحة ووقاية /220-222 ) .

ويقول : نؤكد هنا أن ختان الزوج له دور كبير في وقاية الزوجة من أكثر أمراض النساء الالتهابية .

ثم يتكلم عن ختان الأنثى ويسمى في الشرع ( الخفض ) وهو سنة ومكرمة لها وبخاصة عندما تكون الأعضاء التناسلية الخارجية عندها من بظر والشفرين الصغيرين مفرطي النمو بشكل يدعو إلى النفور والاشمئزاز من جهة ، أو أن هذا الإفراط في النمو والتدلي إلى الخارج يؤدي في المستقبل إلى الإثارة الجنسية المستمرة بسبب الاحتكاك المتواصل ، فيخف عندها الحياء – والعياذ بالله – وقد تنزلق إلى الانحراف والمعصية ، ثم إنه عندها يزيد نمو هذه الأعضاء زيادة كبيرة يتعذر الجماع نظراً لإحالتها دون ولوج القضيب في المهبل .

قال : أما إذا لم يوجد عند الفتاة أصلاً ما يمكن قطعه وكان لا يوجد لديها ما هو متدلٍ فلا مبرر للختان . والله أعلم .

قال : ويلاحظ بصورة عامة فرط نمو الأعضاء التناسلية الخارجية عند الإناث كلما اقتربنا من خط الاستواء ، وضمورها واستوائها كلما اتجهنا شمالاً حتى يندر فرط النمو في الشعوب الشمالية . ( انظر السابق / 223-224 ) .

فهذا ” الختان ” الذي اعتبره رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد السنن التي تدفع إليها الفطرة السليمة هو عمل واقٍ للإنسان في كثير من الأمراض ، ومبعد له عن كثير من البلاء ، وكم يُخفي العلم الكثير من الأسرار وراء السنن النبوية الكريمة ، فصلى الله على المبعوث رحمة للعالمين وهادياً لها إلى ما فيه خيرها في الدنيا قبل الآخرة (1) .[1]

 

[1](1) – الإعجاز العلمي في السنة النبوية ؛ د : صالح بن أحمد رضا ( 1/79-83 ) .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.