حال السلف في رمضان

الخميس
مايو 2018

عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : ” ما كان رسول الله يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة ، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي ثلاثاً ” . متفق عليه .

كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان إحدى عشرة ركعة ، ولكن كان يطول فيها . يقول الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – : كان قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث ساعات !

وأما أصحابه والتابعين وأتباع التابعين ، فقد ساروا على هذا المنهاج ، فكانوا إذا جاء رمضان يقبلون على الطاعات ، ويعمرون أوقاتهم بشتى القربات .. فإن سألت عن حالهم مع القيام ففيه العجب العجاب !وإن سألت عن قراءتهم للقرآن فهذا شيء يأخذ بالألباب ! وإن سألت عن أمورهم الأخرى من صدقة وتفطير وذكر ودعاء واستغفار احتاج هذا إلى كتاب !

فإلى شيئاً من أخبارهم ، ووقفة مع آثارهم .. ولنبدأ أولاً مع قيامهم !

يقول السائب بن يزيد- رضي الله عنه – : ” كان القارئ يقرأ بالمئين – يعني بمئات الآيات – حتى كُنَّا نعتمد على العُصيِّ من طول القيام ” . الله أكبر ! يعتمدون على العصيِّ من طول القيام ..!

يقول الشيخ بن عثيمين – رحمه الله – : وهذا خلاف ما عليه كثير من الناس اليوم حيث يصلون التراويح بسرعة عظيمة لا يأتون فيها بواجب الهدوء والطمأنينة التي هي ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة بدونها فيخلون بهذا الركن ويتعبون من خلفهم من الضعفاء والمرضى وكبار السن فيجنون على أنفسهم ويجنون على غيرهم ، وقد ذكر العلماء – رحمهم الله – أنه يكره للإمام أن يسرع سرعة تمنع المأمومين فعل ما يُسَنُّ ، فكيف بسرعة تمنعهم فعل ما يجب ، نسـأل الله السلامة .

وكان أبو رجاء العطاردي – رحمه الله – يختم بالناس في قيام رمضان كل عشرة أيام .

وقال ليث بن أبي سليم : إنَّ بلالاً العبسي كان يقوم في شهر رمضان ، فيقرأ بهم ربع القرآن ! ثم ينصرف فيقولون : قد خفَّفتَ بنا الليلة !

ربع القرآن حوالي سبعة أجزاء ! ويقولون خفَّفت !

وقال خالد بن دريك : كان لنا إمامٌ بالبصرة يختم بنا في شهر رمضان في كل أربع ، فرأينا أنه قد خفَّف !

يا جماعة ! تدرون كم من ختمة ! ثمان ختمات !

فانظروا إلى هؤلاء العُبَّاد !

فهذه صلاتهم وقيامهم !

وأما قراءتهم للقرآن فاسمع إليها .. فقد كانوا يكثرون من تلاوته في الصلاة وخارجها ..

كان الزهري – رحمه الله – إذا دخل رمضان يقول إنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام .

وكان مالك – رحمه الله – إذا دخل رمضان ترك قراءة الحديث وأقبل على قراءة القرآن من المصحف .

وكان قتادة – رحمه الله – يختم القرآن في كل سبع ليالٍ دائماً وفي رمضان في كل ثلاثٍ وفي العشر الأخير منه في كل ليلة .

وكان إبراهيم النخعي – رحمه الله – يختم القرآن في رمضان في كل ثلاث ليالٍ وفي العشر الأواخر في كل ليلتين .

وكان الأسود – رحمه الله – يقرأ القرآن كله في ليلتين في جميع الشهر .

وكان الشافعي – رحمه الله – يختم في شهر رمضان ستون ختمة !

فهذه تلاوتهم وقراءتهم .. وأما الإطعام والتفطير فلهم أيضاً منه الحظ الوفير ، وكان كثير منهم يؤثر بفطوره وهو صائم منهم عبد الله بن عمر وداود والطائي ومالك بن دينار وأحمد بن حنبل . وكان ابن عمر لا يفطر إلَّا مع اليتامى والمساكين، ورُبَّما علم أن أهله قد ردوهم عنه فلم يفطر في تلك الليلة .

وكان الحسن وابن المبارك يطعمان إخوانهم وهما صائمان ويجلسان يخدمونهم ويروِّحونهم ..

فاقتدوا رحمكم الله بهؤلاء الأخيار ، واتَّبِعوا طريقهم تلحقوا بالبررة الأطهار ، واغتنموا ساعات الليل والنهار ، بما يقرِّبكم إلى العزيز الغفَّار .

من يُرِدْ مُلْكَ الجِنَانِ … فلْيَدعْ عنه التَّواني .

ولْيَقم في ظلمة الليلِ … إلى   نورِ   القرآنِ .

ولْيَصِلْ صوماً بصوم … إن هذا العيش فَانِ .

إنَّما العيشُ جِوارُ الله … في  دارِ   الأمانِ .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.