المُحدِّث الشيخ خالد الهويسين

الخميس
أبريل 2020

أما الشيخ خالد حفظه الله فأعرفه .. وقد جلست معه جلسات خاصة ..
ووالله ما رأيت في حياتي عالماً كالشيخ خالد ..
عبادة .. ورعاً .. وخشية .. ورسوخاً في العلم ..
وإذا حضرت دروسه سواء في عمدة الأحكام أو الأربعين النووية أو كتاب التوحيد .. هذا بالنسبة لدروسه في الخرج  ..
أو في الرياض في المحرر .. أو المنتقى لابن الجارود والمنتقى للمجد أو في معاجم الطبراني أو غيرها كثير….. علمت فضل هذا العالم وسعت تبحره .. وله طريقة في دروسه أنها لا تكون حلقة واحدة في الأسبوع بل عدة حلقات وقد يكون هذا سبب عدم تكثف الطلاب عنده كالشيخ الفوزان أو غيره ..
ولقد يتملكك الدهش من هذا الشيخ حفظه الله حين تراه يعدد المسائل من المغني ووالله إنها بالصفحات ولكأنه يحفظه حفظاً وأحيانا يعيد لبعض الطلاب بعض المقاطع .. بعد الدرس  ..
وقد آتى الله الشيخ حفظه الله خشية توقفك حقاً على ما كنت تتمنى أن تراه حين تسمع بسير السلف في الخشية ..
وقد أوصيت كثيراً من طلاب العلم بالحضور له ولو مرة فلما حضروا والله قد تملكهم العجب من هذا السمت وهذا العلم  ..
والشيخ رحمه الله له اهتمام بطلابه بالسؤال عنهم وتفقد أحوالهم ..
وقد أتيته مع طالب له فقال لما سلم عليه وأظهر له الاهتمام وقال أين أنت منذ فترة وقد تخرج هذا الطالب من الجامعة وبدأ بالمواظبة على درس سماحة الوالد رحمه الله ( ابن باز ) فبدأ يقدم العذر على التأخر
فقال مقاطعاً له أهم شيء عسى أن تكون مرتبطاً بعالم فقال نعم نحضر درس الشيخ ابن باز فقال وقد أظهر ارتياحه الحمد الله أهم شيء أن تكون مرتبطا بعالم .. ثم بدأ بالحديث عن حاله ..
أما عمر الشيخ فعلى ما أقدره أنه بين 45 و الــ 50 ولا أظنه يزيد ..
أما عن استحضاره وسعة تبحره فقد أخبرني أحد طلابه الملازمين له جداً أنه يحفظ الكتب الستة .. أما الاستحضار للكتب فأمر يثير الدهشة ووالله إنه ليذكرك بقول الله { واتقوا الله ويعلمكم الله } ..
*+*  أما الشيء الذي يلفت الانتباه ويثير العجب من هذا العالم :
أنه لا يكاد ينقطع عن التسبيح حتى في أثناء إلقاء الدروس والأسئلة ..
وقد حدثني أحد طلابه وقد سافر معه للشمال للدعوة فلما رجعوا قال لي ولم أسأله والله لم أره يقطع التسبيح من ذهابه إلى إيابه .. فسبحان الله ..
وله يوم الخميس حلقة خاصة في بيته يوم الخميس للبحث .. وقد دعاني لها وقال إنه يؤذن الظهر أحيانا والكتب في ايديهم ..
وقد فاتني أحد الدروس يوما فقال لي أحد الحاضرين من طلابه لقد بكى الشيخ بكاءً شديداً .. ولا أذكر أقال لي لم نكمل الدرس أم لا ..
وقد حضرت له جلسة في بيت كبار طلابه في الخرج فقال له الشاعر راجح أن عنده قصيدة ــ وكان المجال مجال سوالف ــ فلما كان في أثناء القصيدة رأيت الشيخ ورآه الحضور يكتم العبرات بشماغه ولا يكاد يستطيع السكون  .
وقد قال له راجح يوما يا شيخ هل ترى الشيخ ابن باز في المنام .. فسكت الشيخ ، فردد عليه حتى قال كثير . قال أعطنا منها . فقال كثير . فقال ولو واحدة . فأخبرنا بما يقارب الأربع وكلها مما يبهر  ..
والشيخ يعبر الرؤى وله منهج أنه لا يفسر كل الرؤى بل يقول خير إن شاء الله وإن استفصل يخبره أحياناً .. ولا يحب الإكثار منها .. وهو يستقبل المكالمات في التعبير  ..
*+*  ومن العجب أن الشيخ لا يرى تسجيل دروسه بالمسجل ويغضب من ذلك  ..
لا أستطيع أن أكتب كل ما أعرفه عن هذا العالم البحر  ..
وأتمنى من طلابه الملازمين أن يتحفونا بشيء من سيرته فوالله إني متأكد أن لو عُرِف قدره حقاً لضُربت إليه أكباد الإبل ..
وإن تيسر كتبت لكم شيئاً ولو يسير مستقبلاً ..
..  نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا ..
والكمال لله وحده ..
( ابن عبد البر ) .

قال أبو العالية في ملتقى أهل الحديث : أما عن الشيخ الحافظ المحدث / خالد الهويسين وفقه الله ونفع به
فهو آية في الحفظ .
والشيخ نفع الله به ورفع درجته يحفظ كتب السنة الستة .
و حين علمت عنه ذلك بادرت بالاتصال به لتتلمذ عليه والنيل من معينه ينبوعه العذب .
من الحادثات التي جرت لي مع الشيخ حفظه الله :
أنني أتصلت على الشيخ وفقه الله حين كنت في المرحلة الثانوية لأقرأ عليه بعض المتون عبر الهاتف !
فكان من الشيخ ولله دره أن قال  :
تعال لي في الرياض لأراك ونعرفك ومن ثم نبدأ إن شاء الله .
نعم كذا قال وما أروعها من صيانة للعلم ، فجزاه الله كل خير وبارك فيه .
قد يتذمر بعض طلبة العلم أو من يُطلق عليه هذا من هذا الاسلوب ؟!!
ولكن حين يعلم أن هذا من حرص الشيخ على العلم وأهله فسوف يعذر الشيخ . جزاه الله كل خير ونفع به ووفقه لخدمة الاسلام والمسلمين
وهذه درة من درره وفقه الله .
وهذا من أعظم ما أراه أني استفدته منه جزاه الله خيراً :
أن لا أهب العلم إلا لأهله .
وكفى بها شرفاً ..
وما حال شعبة رحمه الله وكلبه مع طلبة العلم في زمانه ببعيد عن الشيخ مع فارق القياس .
فعجباً اليوم من حال طلبة العلم في هذه الرفاهية والله المستعان  .

قال ابن عبد البر : أذكر لكم بعض ما رأيته وما أعرفه عن هذا الإمام ..
وسأحدثكم عن هذا الإمام بورعه وزهده وتوكله ..
لما دخلت إلى بيته .. فإذا بيت الزهاد في دار الفناء .. قد اكتض بالطلاب وقد والله لفت انتباهي ذلك المجلس الذي مسانده الأرضية على لونين لتكملة العدد ..
ورأيته وقد خلع ذلك البشت ليسفر عن ثوب يذكرك بالثياب القديمة وإذا هو لا ينظر إلى بهرجه .. وكذا الحذاء .. (( حقاً إنه درس عملي في الزهد أبلغ من ألف مقال .. )) ..
 ويالله كم يأخذ كلامه في الزهد من قلبي مبلغاً كبيراً..
أما سيارته فأذكر أنها كانت بنز من الموديل الـ 83 تقريباً
ثم رأيته بعد ذلك اشترى هايلكس 94 فما أحببت الهايلكس حتى رأيت شيخنا قد امتطاها .. وقد ركبتها معه ..
*+* أما عن توكله وثقته بالله ..
فأذكر أنه في أحد الأيام وهو الخميس العصر وهو يلقي درس كتاب التوحيد أو الأربعين النووية ..
وكان في المسجد ثرياً كبيرة في سقف مسجد ثابت بن قيس بالشعبة ..
وكان أغلب الطلاب تحتها .. وكنت على الجنب ..
فما راعنا إلى قول القائل يا شيخ الثرياً ( الإضاءة الكبيرة ) اشتعلت ناراً من أعلاها .. في القابض لها في السقف ..
فما إن رآها الطلاب إلا وفزعوا وبعضهم سقط كتابه .. من سرعة قيامة وكان آخرهم قياماً الأخ الفاضل حمود المطيري حفظه الله ..
والشيخ على حاله ووالله إني لأرقب صنيعه والله ما اتلفت مباشرة ولا تحرك من مكانه والطلاب قد قاموا لكن هو التسبيح التهليل والتكبير (( والله بلا مبالغة أنه لم يحرك ساكناً )) وذهب أحد الطلاب إلى مفتاح الكهرباء وأغلقه ..
وقد رفع راسه قليلاً وشاهد النار قد بدأت .. فانطفأت وذهب دخانها ورجع الطلاب والشيخ مطئطئ الرأس يذكر الله حتى عادوا ..
ثم استأنف كلامه وقال يروى ان على ابن أبي طالب رضي الله عنه كان يحكم بين اثنين تحت جدار فجاءه رجل وقال الجدار سيسقط .. فلم يتحرك حتى قضى بين الإثنين ثم لما قام سقط الجدار مكانه ..
ثم استأنف الدرس ..
والشيخ خالد الهويسين ، من طلاب الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى ، ويحب الشيخ الشيخ كثيراً ، ومتأثرٌ به جداً ؛ حتى في طريقة كلامه يشبه الشيخ ابن باز رحمه الله .

هذا غيض من فيض من سيرة هذا الإمام الجليل حفظه الله ونفعنا بعلمه
وهي خواطر مبعثرة .. و أعيد وأكرر ..
أتمنى أن ينبري لسيرته بعض طلابه وفاء لشيخيهم وسيجد سيرة إمام فذ فريد جداً في هذا الزمان .

إنها سيرة طيبة ومشوقة للمحدث الشيخ خالد الهويسين – حفظه الله ونفع به وبعلمه الإسلام والمسلمين – . ولا شك أن كل من سمع عنه سيعجب به ويحبه ! حتى قال أحدهم في موقع ملتقى أهل الحديث بعد أن سمع كلام ابن عبد البر وأبو العالية :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد أحببنا هذا الشيخ المبارك من حديثكم عنه حفظه الله ونفع به وبعلمه
وتاقت أنفسنا لرؤيته وحضور شيء من دروسه فهلا دللتمونا على مكان دروسه
والله يحفظكم ويرعاكم .

والشيخ مُتَّبِع للسُنَّة في كل ما يقول ، ولقد كنت – أنا صاحب موقع لطائف الحديث – أستفتيه خاصة – والشيخ عبد الله الركبان – باستمرار لعلمي بأن إجابته لن تَخرُج عن سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم لأن أهل الحديث هم أعلم الناس بها .. وأذكر أنني أستفتيته في مسألتان هما محل خلاف بين أهل العلم قديماً وحديثاً ، ولكني أحببت أنْ أعرفُ رأي الشيخ فيهما . وهما :

المسألة الأولى : مسألة إذا صلى الإنسان التراويح مع الإمام ، هل يُسلم معه في الوتر أم يقوم ولا يُسلِّم معه ويأتي بركعة ليشفع إذا كان يريد أن يوتر في آخر الليل ؟ طبعاً قال بعض أهل العلم تأتي بركعة بعده ! أنا لم أرتاح لهذا القول ولا أذكر أني فعلته .

سألت الشيخ خالد ، فقال : إذا كنت تريد السُنَّة وتريد الخير فسلِّم مع الإمام .

فعلاً إجابة موفقة انشرح لها صدري كثيراً .

المسألة الثانية : إذا أقيمت الصلاة والإنسان في السنة هل يقطعها أم يتمها ؟ وفيها قولان لأهل العلم ؛ القول الأول : قالوا يقطعها ! قالوا لأن الفريضة أهم .. وأنا لم أرتاح لهذا القول أيضاً .

والقول الثاني قالوا يتمها ولكن يوجز . واستدلوا بقول الله تعالى : { ولا تبطلوا أعمالكم } .

سألت الشيخ خالد فقلت : شيخنا إذا كنت في السنة وأقيمت الصلاة هل أقطعها ؟

فقال : لا لا ، ما تقطعها ، تخفّف .

انشرح أيضاً صدري لهذا القول منه – حفظه الله – كثيراً .

فيا ليت لو نعمل بفتوى الشيخ في هذه المسألتان ، ونذكرهما للناس ليعملوا بهما ، ويتركوا القول الآخر والعمل به .

ومهما قلنا عن الشيخ خالد الهويسين ، يبقى القلم عاجزاً عن وصفه ، فهو والله عجيب ! فهذه سيرته الطيبة أتحفنا بها ابن عبد البر في ملتقى أهل الحديث نفع الله به ، وأخبرنا بأشياء ما كنا نعرفها عن الشيخ لأنه يعرفه شخصياً وجالسه .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.