الخميس
يناير 2020
عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : ” أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس ، وأحب الأعمال
إلى الله سرورٌ تدخله على مسلم ، أو تكشف عنه كربة ، أو تقضي عنه ديناً ، أو تطرد
عنه جوعاً ، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد
شهراً ، ومن كف غضبه ستر الله عورته ، ومن كظم غيضه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ
الله قلبه رجاءً ، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجة حتى تتهيأ له أثبت الله قدمه
يوم تزل الأقدام ” أخرجه ابن أبي الدنيا وحسنه الألباني .
هذا حديث عظيم اشتمل على عدة فوائد ، فتعال معي إلى
الوقوف معه جملةً جملة لنقف على فوائده !
قال : ” أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس
” ؛ وقد جاء في الحديث الآخر ” والله في عون العبد ما كان العبد في عون
أخيه ” ، فقرَّرَ هنا الأمر مجملاً ، ثم بدأ يُفصِّله بعدة مقاطع ، فذكر أن
من ” أحب الأعمال إلى الله سرورٌ تدخله على مسلم ” أي أحب الأعمال هي
السعادة التي تدخلها على قلب مسلم ، وهذا يختلف باختلاف الأحوال والأفراد ، فقد
يتحقق السرور في قلب مسلم بسؤال أخيه عنه ، وقد يتحقق بزيارة أخيه له ، وقد يتحقق
بهدية أخيه له ، وقد يتحقق بابتسامة ، وقد يتحقق بمساعدة ، وقد يتحقق بأي شيء سوى
ذلك .. الأصل أن تدخل السرور عليه بأي طريقة استطعت .
ثم ذكر بعد ذلك أمراً آخر يمكن للمرء أن ينفع به
الناس وهو : ” كشف الكربة عن الناس ” فقد تجد أخاك به كربة من كرب
الدنيا ، إما لمصاب أصابه أو توفي قريب له أو .. إلخ . فالحياة ليست صفواً بلا كدر
، بل هي كدر وهم وحزن ، فندبنا إلى التفريج من هموم إخواننا المسلمين .
ثم عقَّب بعد ذلك بذكر ” الدين وقضائه عن
الإخوة ” فإن الدين همٌّ بالليل ذِلٌّ بالنهار .. قال ” أو يقضي عنه
ديناً ” أي تقضي عن صاحب الدين دينه ، وذلك فيمن يعجز عن الوفاء بدينه .
ثم ذكر بعد ذلك أمراً آخر يكون فيه نفع للناس
وإحسان إليهم وهو : ” أو تطرد عنه جوعاً ” إما بإطعامه ، وإما بإعطائه
ما يقوم مقام الإطعام .
ثم بين فضل قضاء حوائج الناس فقال : ” ولأن
أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً ”
فالأعمال المتعدية النفع أفضل من الأعمال القاصرة النفع .
ثم ندب إلى ” كف الغضب وكظم الغيظ ” ،
فإنهما عزيزان على النفس شاقان عليها ، لأن الانسان قد يحصل له مواقف تثير غضبه
وغيضه ، فبين فضل من لم يعمل بمقتضاهما ، وذلك بستر عورته وملأ قلبه رجاءً .
ثم ثنَّى بأمر ذكره في نصف الحديث ألا وهو : ”
ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له أثبت الله قدميه يوم تزل الأقدام ”
وهذا يدل على أهمية الأمر ولذلك كرره الرسول صلى الله عليه وسلم .
ثم عقَّب وختم الحديث عن سوء الخلق فقال : ” وإن سوء الخلق يفسد العمل ، كما يفسد الخلّ العسل ” ، يقول انتبه ! لا تحسن للناس ثم تفسده بسوء الخلق .. فإن سوء الخلق يفسد الإحسان للخلق ، لذلك ورد في الحديث محذراً منه وممثلاً بإفساده لهذا الإحسان بإفساد الخل للعسل . ( 1 ) .
( 1 ) المراجع :
- موقع الدرر
السنية .
- موقع مداد .
اترك تعليقاً