إن القلم ليعجز عن الكلام ، لأنه أمام إمام وعلمٌ من الأعلام ! إمام أجمعت الأمة على فضله ومكانته .. إنه الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة والجماعة وأحد الأئمة الأربعة .
اسمه :
هو إمام الأئمة وحافظ الأمة المحدث وفقيهها أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني المروزي ثم البغدادي .
مولده :
ولد – رحمه الله – في بغداد سنة 164 هـ .
نشأته وطلبه للحديث :
كان في حداثته – رحمه الله – يختلف إلى مجلس القاضي أبي يوسف في طلب الفقه ، ثم ترك ذلك وأقبل على سماع الحديث ، وهو لا يزال في حداثة سنِّه وهو ابن 15 سنة !
شيوخه :
طاف الإمام أحمد في البلاد والآفاق وسمع من مشايخ العصر وكانوا يجلونه ويحترمونه ، ومن مشايخه هشيم وإبراهيم بن سعيد ، وسفيان بن عيينه ، وتفقَّه بالشافعي حين قدم بغداد ولزمه واستفاد منه ، وعنى عناية عظيمة بالسنة والفقه حتى عدَّه أهل الحديث إمامهم وفقيههم .
تلاميذه :
أخذ عنه الحديث جماعة من الأماثل منهم : البخاري ، ومسلم ، والشافعي ، وعبد الرزاق ، ووكيع – وهؤلاء الثلاثة من شيوخه – وكان الإمام الشافعي على جلالة قدره في الحديث والفقه يعتمد الإمام أحمد في تصحيح الأحاديث وتضعيفها ، ولذلك لما اجتمع به في بغداد سنة 198 ، قال له : يا أبا عبد الله إذا صح عندكم الحديث فأعلمني به أذهب إليه كان شامياً أو عراقياً أو يمنياً ، وعمر أحمد إذ ذاك نيفٍ وثلاثون سنة !!
ومن تلاميذه أيضاً : بقيَّة أصحاب الكتب الستة ، والأسود بن عامر ( شاذان ) ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وعلي بن المديني ، ويحيى بن معين ، ويحيى بن آدم ، ويزيد بن هارون ، وعبد الله وصالح ابناه ، وأبو بكر الأثرم ، وبقي مخلد ، وغيرهم ..
ثناء العلماء عليه :
قال الشافعي : ( خرجت من العراق فما تركت رجلاً أفضل ولا أعلم ولا أورع ولا أتقى من أحمد بن حنبل ) .
وقال يحيى بن معين : ( كان في أحمد بن حنبل خصال ما رأيتها في عالمٍ قط ! كان محدِّثاً ، وكان عالماً ، وكان ورعاً ، وكان زاهداً ، وكان عاقلاً ) .
وقال أيضاً : ( أراد الناس منَّا أنْ نكون مثل أحمد بن حنبل ! واللهِ ما نقوى أنْ نكون مثله ولا نطيق سلوك طريقه !! ) .
وقال علي بن المديني : ( ما قام أحد في الإسلام ما قام أحمد بن حنبل ! ) .
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام بعد أنْ أخذ يطريه : ( لست أعلم في الإسلام مثله ! ) .
فيا له من إمام أجمعت أمَّة الإسلام على فضله ، وشهدت له بذلك الأئمة الأعلام ! رحمك الله – يا ابن حنبل – ، يا من قال عنك الذهبي : ( إنك شيخ الإسلام ، وسيد المسلمين ! ) .
عبادته :
كان الإمام أحمد صاحب عبادة وطاعة وزهد وورع ودعاء وقيام .. يقول إبراهيم بن شماس – العابد الزاهد – : ( رأيت أحمد بن حنبل يحيي الليل وهو غلام ! ) . الله أكبر ! منذ النشأة نشأ في العبادة !! وحتى عندما كبر كان في زيادة !!
كان لما كبر يصلي العشاء ثم ينام نومة خفيفة ، ثم يقوم إلى الصباح يصلي ويدعو !
وكان يختم القرآن كل سبعة أيام ، وحج خمس حجج اثنتان منها راكباً وثلاثاً ماشياً ..
مسنده :
كتاب المسند للإمام أحمد من أجمع كتب السنة للحديث ، وشهد له بذلك المحدثون قديماً وحديثاً ، وقد اشتمل على ثلاثون ألف حديث ! وبالمكرر أربعون ألف حديث ، وقد تعددت جهود العلماء في المسند نظرً لأهميته ، وكان جل اهتمامهم به :
1 – تحقيقه وقد قام به الشيخ أحمد شاكر ، إلا أنه توفي قبل أن يتمه ، وقد بلغ ما قام به نحو ثلث المسند تقريباً .
وممن قام بتحقيقه أيضاً الشيخ شعيب الأرناؤوط .
2 – ترتيب أحاديثه على الأبواب الفقهية ، تيسيراً للذي يطلب الحكم الفقهي بدليله من الحديث ، وممن قام بذلك حديثاً الشيخ أحمد عبد الرحمن بن محمد البنا – المشهور بالساعاتي – ، وسمى كتابه : ” الفتح الرباني في ترتيب مسند أحمد بن حنبل الشيباني ” .
3 – شرحه ، وممن شرحه الساعاتي أيضاً ، واسم شرحه : ” بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني ” ، إلا أنه توفي قبل أن يتمه ، فوفق الله من يتمه وهو : الشيخ محمد عبد الوهاب بحيري ، فقام بشرح القدر المتبقي من الكتاب ، وقد طبع الشرحان في كتاب واحد بلغ عدد أجزائه 24 جزءاً .
4 – الذب عنه ، ونفي أنْ يوجد فيه حديث موضوع الإسناد ، وممن تولى الذب عنه والرَّدّ على من زعم هذا الزعم ، الحافظ ابن حجر – رحمه الله – في كتابه : ” القول المسدد في الذب عن المسند ” .
وفاته :
توفي – رحمه الله – سنة 241 هـ ببغداد وله عند العلماء حسن الذكرى وجميل الأحدوثة . وصلى عليه 800 ألف رجل ، و 60 ألف امرأة .. وقيل أكثر من ذلك . ( 1 ) .
( 1 ) – الحديث والمحدثون : محمد أبو زهو .
دراسات في منهاهج المحدثين : توفيق سالمان
اترك تعليقاً