النسائي وسننه

الأربعاء
أكتوبر 2019

اليوم نتكلم عن حافظ من الحفاظ وإمام من أئمة الحديث ! عن الحافظ النسائي ..

 

اسمه :

هو أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن دينار النسائي ، نسبة إلى نساء بلدة مشهورة بخراسان .

 

مولده :

ولد – رحمه الله – سنة ( 215 هــ ) .

 

طلبه للعلم :

رحل في طلب العلم وهو ابن 15 سنة ! إلى قتيبة بن سعيد البلخي ، ومكث عنده سنة وشهرين وأخذ عنه الحديث . وكان من أدب الطلب عندهم في ذلك العصر الرحلة في طلب الحديث ، وهذا الذي حرص عليه وصنعه النسائي ، فإنه رحل أيضاً إلى عدة بلدان منها خراسان والحجاز ومصر والعراق والجزيرة والشام ، وسمع من كثير من الشيوخ ، وكان حريصاً على التلقي ، حتى وإن كان يصاحب ذلك شيء من العناء بل ربما المذلة !

 

شيوخه :

لم يقتصر الحافظ النسائي في السماع على قتيبة بن سعيد ، بل سمع من أئمة آخرين منهم إسحاق بن راهويه ، وأحمد بن منيع ، وعلي بن حجر السعدي ، ومن أبي داود ، والترمذي ، ومن أبي حاتم ، وأبي زرعة الرازيين ، ومن محمد بن يحيى الذهلي ، وعمرو بن علي الفلاس ، وأبي كريب محمد بن العلاء ، ومحمد بن بشار ، ومحمد بن المثنى ، وهناد بن السَّرى ، وأمثال هؤلاء الشيوخ الذين أدركهم وروى عنهم ، ومعظمهم من شيوخ أصحاب الكتب الستة ، وبخاصة البخاري ومسلم ، فإذاً هو شارك البخاري ومسلم في كثير من شيوخهم ، ولذلك ظفر بالأسانيد العالية .

 

تلاميذه :

تتلمذ على يد النسائي كبار الأئمة ، ومن هؤلاء : ابن حبان صاحب ” الصحيح ” ، والعقيلي صاحب ” الضعفاء ” ، وابن عدي صاحب ” الكامل ” ، والدولابي – ومع العلم أنه أقران النسائي ولكنه سمع منه – وهو صاحب ” الأسماء والكنى ” ، والطحاوي صاحب ” شرح معاني الآثار ” و ” مشكل الآثار ” وصاحب ” الطحاوية ” ، وأبو عوانة صاحب ” المستخرج على صحيح مسلم ” ، وأبو سعيد بن يونس صاحب ” تاريخ مصر ” ، والطبراني – الإمام المشهور – صاحب ” المعاجم الثلاثة ” ، وابن السني صاحب ” عمل اليوم والليلة ” وكتاب ” القناعة ” والذي هو أحد رواة السنن ، وغير هؤلاء كثير .

 

ثناء العلماء عليه :

قال الحاكم أبو عبد الله : سمعت الدار قطني غير مرة يقول : ” أبو عبد الرحمن مُقدَّم على كل أحد ممن يذكر بعلم الحديث من أهل زمانه في جرح الرواة وتعديلهم ، وكان شديد التحفظ والورع فتراه يقول في سننه وهو يروي عن الحارث بن مسكين : هكذا قرئ عليه وأنا أسمع ، ولا يقول في الرواية عنه : حدثنا أو أخبرنا كما يقول في روايات أخرى عن مشايخه ” .

 

عبادته واحترازه من السلطان :

كان النسائي – رحمه الله – صاحب عبادة في الليل والنهار ، وقد ذكروا أنه خرج مرة مع أمير مصر لفداء بعض المسلمين الذين وقعوا في الأسر ، فوصفوا من شهامته – رحمه الله – وحرصه على إقامة السنن المأثورة واحترازه عن مجالس السلطان الذي خرج معه ما جعل العلماء يُعجبون به ويثنون عليه .

وكان – رحمه الله – يصوم مثل صيام داود عليه السلام ، يصوم يوماً ويفطر يوماً ، ومع هذا كان في وجهه شيء من البهاء والنضرة ، والتي هي من أثر الطاعة !

 

كتابه السنن :

كتاب السنن للنسائي هو من أجل كتبه ، بل من أجل كتب الحديث بعد الصحيحين ! ومن العبارات التي يمكن أن تفيدنا في معرفة مكانة سنن النسائي ، قول ابن الرشيد : ” كتاب النسائي أبدع الكتب المصنفة للسنن تصنيفاً ، وأحسنها ترصيفاً ” .

ويقول عبد الرحيم المكي الذي هو أحد شيوخ ابن الأحمر الذي هو أحد رواة السنن ، يقول عن سنن النسائي : ” إنه أشرف المصنفات كلها ، وما وضع في الإسلام مثله ” ، وهذه العبارة قد يكون فيها شيء من المبالغة ، ولكنها جاءت من قبيل إعجابهم بسنن النسائي ، وإلا فالصحيحان أحسن مكانة منه .

وقال ابن حجر – رحمه الله – عنه : ” أقل الكتب بعد الصحيحين حديثاً ضعيفاً ، ورجلاً مجروحاً ” .

والنسائي في كتابه يعتني بالناحية الفقهية والحديثية مثل الترمذي ، وإن كان أقل إيضاحاً لفقه الحديث من الترمذي .

 

وفاته :

توفي – رحمه الله – سنة ( 303 هــ ) بالرملة في فلسطين بعد أن عُمِّر ( 89 ) عاماً . ( 1 ) .

حجر الشاهد على قبر النسائي في الرملة بفلسطين

 

قبر الإمام النسائي

مدخل الحجرة التي يوجد فيها قبر الإمام

 

( 1 ) – انظر : مناهج المحدثين : سعد الحميد ( 203 وما بعدها ) ؛ والحديث والمحدثون : محمد أبو زهو ( 357 وما بعدها ) .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.