أبو داود وسننه

الأربعاء
أغسطس 2019

ما أجمل الحديث عن أئمة الحديث ! إنه ممتع ..! وحديثنا هذه المرَّة عن أبي داود – رحمه الله تعالى – ، فإلى سيرته الطيبة .

 

اسمه :

هو سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو بن عمران الأزدي – من قبيلة الأزد – .

كنيته : أبو داود ، وبلده سجستان – منطقة تاريخية تقع معظمها في أفغانستان وأجزاء منها في باكستان وإيران – ، ولذلك اشتهر بأبي داود السجستاني .

 

مولده ونشأته :

ولد في سنة 202 هــ ، ونشأ وترعرع في بلده سجستان وأخذ يتلقى عن الشيوخ وحرص على الطلب في سن مبكرة من حياته ، ولذلك نجده – رحمه الله – بدأ في الرحلة وهو صغير السن ، رحل إلى بغداد وعمره آنذاك 18 سنة ! ثم رحل إلى الشام وعمره 20 سنة ..

 

شيوخه:

تلقى – رحمه الله – عن كثير من العلماء ، وبخاصة من كان منهم من العلماء المشهورين الأجلاء ، مثل : الإمام أحمد ، فإنه لازمه ملازمة شديدة حتى إنه يُعد من كبار أصحاب الإمام أحمد ، وهو الذي وجَّه إليه عدداً من السؤالات سواء في الجرح والتعديل أو في الأحكام ، وقد طُبعت السؤالات التي وجَّهها للإمام أحمد في الجرح والتعديل ، كما أن سؤالاته التي وجَّهها للإمام أحمد في الأحكام مشهورة ومطبوعة منذ زمن .

وقد ألَّف كتابه السنن في حياة شيخه الإمام أحمد – رحمه الله – وعرضه عليه فاستجاده الإمام أحمد – رحمه الله – واستحسنه .

ومن شيوخه أيضاً : علي بن المديني ، ويحيى بن معين ، وقتيبة بن سعيد ، ويحيى بن سعيد القطان ، ومحمد بن بشار – بندار – ، وغير هؤلاء كثير .

 

تلاميذه :

تتلمذ على يد أبي داود عدد من الرواة ومن جملتهم : ابنه عبد الله ، ومن المشاهير الترمذي والنسائي وابن أبي الدنيا وأبو عوانة – صاحب المستخرج – ، وغيرهم .

 

صفاته :

كان يوصف أبي داود بعدم المحاباة لأحد على حساب مايراه أنه الحق ، ومما يروى في ذلك أنه طرق عليه الأمير بابه يوماً من الأيام ثم دخل عليه وطلب منه ثلاثة أمور ، فاستعرضها معه أبو داود ، فقال له : الأمر الأول : أن تنتقل إلى البصرة لأن الزنج كانوا أحدثوا فتنة في ذلك الوقت ؛ وهذه الفتنة كانت بالقرب من البصرة مما ألجأ سُكان البصرة على النزوح منها خوفاً من هؤلاء القوم .

فأراد من أبي داود أن يذهب إلى البصرة حتى يرجع الناس ويستوطنوا البصرة ؛ لأن الناس في ذلك العصر كانوا مشدودين بالعلماء ، فكون أبي داود يذهب إلى البصرة ويبقى فيها ، فلا شك على الأقل أن طلبة العلم والحريصين على طلب الحديث سيذهبون معه إلى هناك للتلقي منه – رحمه الله – .

فقال : هذه واحدة ، هات الثانية ، فطلب منه أن يروي السنن لأولاده . فقال : هات الثالثة ، قال : تُفرِد لأولادي مجلساً فإن أولاد الخلفاء لا يقعدون مع العامة . فقال : أما هذه لا سبيل إليها ، لأن الناس في العلم سواء .

فلبَّى طلبين للأمير ، وهما طلبان لا بأس بهما ، وامتنع من تلبية الطلب الثالث – رحمه الله تعالى – .

ومن صفاته أيضاً أنه كان يوصف بالعبادة والصلاح والورع ، يقول ابن ياسين الهروي عنه : ” في أعلى درجة النسك والعفاف والصلاح والورع ” .

 

كتابه : السنن ؛ وثناء العلماء عليه :

اقتصر أبي داود – رحمه الله – في كتابه السنن على أحاديث الأحكام فقط ؛ لأنه يرى أنها هي التي يرتكز عليها العمل ، وما عدا ذلك فلم يرَ أن هناك أهمية تدعو إليه . إذاً أبو واود – رحمه الله – نحى منحى آخر في التصنيف .

ويعتبر كتاب السنن في الحقيقة من الكتب البديعة التي أُعجب بها العلماء إعجاباً شديداً ، وذلك لجودة مادته العلمية ، وليس أدلّ على ذلك أن الإمام أحمد – رحمه الله – استجاد هذا الكتاب واستحسنه حينما عرضه عليه أبو داود ، وتوافرت كلمات العلماء في الثناء عليه ، بل من جوانب الثناء عليه نجد هذه الخدمات التي قُدِّمت لهذا الكتاب ؛ فكم من الشروح التي لهذا الكتاب ؛ فهناك شرح لمحمد شمس الحق العظيم آبادي ، وهناك شرح للخطابي ، وهناك شرح ابن رسلان ، وهناك شرح لابن القيم ، وغير ذلك من الشروح كثير ، وكثير منها لم يكتمل مثل شرح لــ ” مسعود الحارثي ” وشرح لــ ” مغلطاي ” ، وهناك تخريجات للمنذري . كما أن هناك خدمات قُدِّمت للكتاب غيرها .

 

وفاته :

توفي – رحمه الله – سنة 275 هــ بالبصرة . ( 1 ) .

 

( 1 ) – انظر : مناهج المحدثين ؛ سعد الحميد ( ص : 60 – 74 ) .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.